تتطلب المرحلة الحالية تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة للازمات التي يمر بها العالم بسبب الحرب الروسية الاوكرانية من جهة، وما ينتج عن الندرة احيانا ازدياد بأسعار السلع والمنتجات الضرورية للحياة من جهة أخرى.
والتقارير الخليجية تؤكد بأنه لا يمكن تحقيق التكامل الاقتصادي إلا من خلال توزيع الانشطة الصناعية والزراعية والسمكية واللوجستية على مختلف الدول الخليجية الست، بحيث تصل المنتجات التي نحتاج إليها في الوقت المناسب، مع ضرورة إيجاد التكامل فيما بينها، وبحيث يؤدي ذلك إلى توافرها في السوق الخليجية دون أية معاناة. وهذا الأمر سوف يساعد أيضا على تراجع قيمة الواردات الأجنبية من مختلف دول العالم. وفي هذا الاتجاه تعمل جميع دول المجلس لتحقيق هذه الرؤى والاهداف. ومؤخراً رأينا أن كل من عمان والسعودية تعملان على تطوير هذه العلاقات فيما بينها، لفتح آفاق أرحب وأوسع خاصة في الشؤون الاقتصادية، الأمر الذي سوف يسهم في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات وتحقيق رؤى البلدين خلال المرحلة المقبلة. وقد سبق للجانبين توقيع عدد من مذكرات التعاون لتعزيز الاستثمارات المشتركة في مشروعات محددة منها مشاريع الطاقة والطاقة المتجددة، والرعاية الصحية والصناعات الدوائية والتحويلية والزراعية والغذائية واللوجستية، والتطوير العقاري، بجانب السياحة، وتقنية المعلومات والتقنية المالية، بالإضافة إلى عدد من الاستثمارات النوعية في منطقة الدقم.
عُمان تتمتع اليوم بتقديم عدة مزايا في مجال في الاستثمار المباشر متمثلة في برنامج الاستدامة المالية لرؤية عمان 2040 التي تتضمن خفض الضرائب على أرباح المشاريع الأجنبية، وإعفاءات ضريبية، اضافة إلى خفض معدلات الضرائب الجمركية على العديد من المنتجات المستوردة، فضلا عن تقديم حوافز إضافية في عدة قطاعات واعدة. ووزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني قيس اليوسف يؤكد في الكثير من المناسبات إلى ارتفاع عدد الشركات الخليجية المستثمرة في عمان، لتصبح من أهم الشركاء التجاريين للسلطنة، الأمر الذي يساعد على التنويع في اقتصادات الدول الخليجية الست. فعمان اليوم تعامل المستثمر الخليجي بنفس معاملة المستثمر العماني، في الوقت الذي تعمل فيه على إتاحة الفرص الاستثمارية المتاحة، لكي تحقق جميع دول المجلس تنوعا في اقتصاداتها وتعزز من التكامل الاقتصادي فيما بينها. وخلال الآونة الاخيرة طرحت عمان 99 فرصة استثمارية في القطاع الصناعي في هذا الاطار، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تعزيز التبادل التجاري مع جميع دول المجلس وإتاحة الفرصة للتجار والمستثمرين الخليجيين العمل عبر نافذة إلكترونية واحدة في العديد من الانشطة الاقتصادية. القوانين العمانية الجديدة تساهم اليوم في تقديم العديد من الحوافز التي تسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية مثل إمكانية تخصيص الأراضي والعقارات اللازمة للمشاريع الاستثمارية المجدية سواء عن طريق الإيجار لمدة طويلة، أو بمنح حق الانتفاع بها، مع تقديم الضمانات وحفظ حقوق المشاريع الاستثمارية القائمة، وعدم جواز مصادرة تلك المشاريع أوالحجز عليها أو تجميدها أو فرض الحراسة عليها إلا بحكم قضائي، مع عدم نزع ملكية تلك المشاريع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يرضى به المستثمر. وقد تم ذكر ذلك في قانون الشركات التجارية الجديد الذي صدر بهذا الشأن، الأمر الذي سوف يعزز جذب المزيد من الاستثمارات الخليجية خلال المرحلة المقبلة.